هل يكون العراق خيار أوروبا الأمثل لمدها بالغاز القطري؟
يبدو أن خيار أوروبا الأمثل لاستيراد غاز الشرق الأوسط هو أنبوب الغاز القطري التركي الذي يمر عبر العراق. فدول الاتحاد الأوروبي تحتاج الى 150 مليار متر مكعب سنوياً لملء المخزونات اعتباراً من منتصف العام القادم و ذلك في ظل شحة المعروض بعد توقف إمدادات الغاز الروسي إليها.
الاتحاد الأوروبي كان قد سعى في وقت سابق لمد عدد من خطوط الأنابيب التي تصل سعتها لأكثر من 100 مليار متر مكعب سنوياً (%20 من استهلاك الغاز السنوي) عبر عدة مسارات لكن يبدو أنه لن يتمكن من توفير سوى نصف هذا الحجم.
فخط الغاز العربي لنقل 10 مليار متر مكعب سنوياً من مصر الى تركيا مروراً بالاردن و سوريا و كذلك خط الصداقة لنقل الغاز الإيراني بسعة 40 مليار متر مكعب سنوياً عبر العراق و سوريا و لبنان هي مشاريع غير قابلة في السنوات القليلة القادمة نظراً للعقوبات المفروضة على كل من ايران و سوريا.
في حين يبقى أنبوب East Med الممتد حوض البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا عبر اليونان وجنوب إيطاليا لتصدير 20 مليار متر مكعب بالاضافة لخط الغاز التركي القطري عبر العراق بسعة 31.5 مليار متر مكعب سنوياً كخيارات متاحة لتعويض جزء من العرض المفقود.
العراق في خارطة الطاقة العالمية
و يبرز دور العراق كخيار أمثل لأوروبا في الحصول على الغاز من الخليج العربي خاصة مع دخول استثمارات سعودية و قطرية في هذا المجال.
فقد حصلت كل من توتال إنرجيز الفرنسية و قطر للطاقة على صفقة للغاز مع شركة نفط البصرة بقيمة 27 مليار دولار. كما اتفق العراق مع المملكة العربية السعودية على الاستثمار في حقل عكاز للغاز في محافظة الأنبار غربي البلاد.
لكن مستقبل العراق كمصدر للغاز إلى أوروبا يصطدم بحاجته للاستهلاك المحلي لتوليد الكهرباء فهو سيكون قادراً على انتاج أكثر من ترليوني قدم مكعب من الغاز يومياً في السنوات الثلاث القادمة.
و يلعب العراق دوراً مهماً كممر لنقل الغاز القطري من حقول جنوب بارس المشتركة مع إيران وسط ترحيب أمريكي و رغبة إيرانية في أن يكون لها موطىء قدم في هذا المشروع العملاق.
فقد افتتحت وزارة النفط الإيرانية ممثلية لها في بغداد مع نية لافتتاح مكتبين آخرين في كل من كردستان و البصرة ، كما وقعت مع العراق عقداً بقيمة 4 مليارات دولار لتقديم خدمات فنية و هندسية في مجال الطاقة.
يحدثنا بمزيد من التفاصيل الدكتور رمضان البدران من واشنطن
دبلوماسية الاستثمارات
و تبلغ كلفة أنبوب الغاز القطري التركي قرابة الـ 20 مليار دولار حيث أنه سيمر عبر الأراضي السعودية و الكويتية و من ثم إلى العراق فالحدود التركية و منها إلى أوروبا.
و تشهد منطقة الشرق الاوسط حراكاً دبلوماسيا يتزامن مع مشاريع استثمارية خاصة في مجال الطاقة و البنى التحتية. فقد أطلق العراق مؤخراً مشروع طريق التنمية بكلفة 17 مليار دولار حيث أنه لا يختلف بمساره كثيراً عن أنبوب الغاز القطري التركي سوى أنه يبدأ من ميناء الفاو جنوباً إلى تركيا شمالاً و هو مخصص لنقل البضائع و الركاب.
يستغرق تنفيذ أنبوب الغاز القطري التركي من 3 – 5 أعوام ترتفع فيها حاجة الاتحاد الأوروبي الملحة للغاز وسط توقعات بارتفاع أسعاره في العامين القادمين. لذلك يرجح ان تسعى كل من الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي إلى الدفع باتجاه تسريع العمل بهذا المشروع الذي سيكون عاملاً مساعداً في خفض التوتر في المنطقة و يرسم ملامح تعاون بين بلدانها و يحقق التنمية المستدامة لشعوبها.