كيف يؤثر تعليق صادرات نفط كردستان على الاقتصاد العراقي
تجاوزت خسارة العراق جراء رفض تركيا استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر أراضيها 2.4 مليار دولار. و قد تتعمق تلك الخسارة اكثر إذا لم تتوصل المفاوضات بين الجانبين التركي والعراقي إلى نتائج ملموسة.
و جاء الرفض التركي على خلفية الحكم الصادر من محكمة التحكيم الدولية في باريس والذي قضى بدفع الحكومة التركية 1.5 مليار دولار تعويضات لصالح العراق نتيجة تصدير نفط كردستان عبر موانئها من دون موافقة شركة تسويق النفط العراقية (سومو).
تركيا من جهتها أبلغت الجانب العراقي رفضها تحمل أية تعويضات مع ضرورة الاستمرار بتصدير نفط الإقليم عبر أراضيها وفق الأسعار المخفضة ذاتها. وتقدر الكميات المصدرة من إقليم كردستان بـ450 ألف برميل يومياً تشكل نحو 14 في المئة من مجموع الصادرات العراقية.
عرقلة تطوير القطاع النفطي
و يعرقل توقف صادرات النفط من إقليم كردستان خطط الحكومة العراقية في تطوير القطاع النفطي في البلاد ويعرقل محاولاتها في رفع قدراتها التصديرية بزيادة تصل إلى مليوني برميل في غضون عامين. ومع زيادة الإنفاق الحكومي على الرواتب وارتفاع النفقات التشغيلية في الموازنة الاتحادية إلى مستويات قياسية، تبدو الحاجة إلى الإيرادات النفطية أكبر، بخاصة مع ضعف دور القطاع الخاص والاعتماد الكبير على الإيرادات المالية من صادرات النفط.
مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي
و انعكست المخاوف الدولية من ركود اقتصادي محتمل وتراجع النشاط الاقتصادي العالمي على الاقتصاد العراقي، إذ إنه مع ارتفاع التضخم وتراجع الطلب العالمي على النفط لجأت منظمة “أوبك” والتي يعتبر العراق عضواً مهماً فيها إلى إجراء مزيد من التخفيض في الإنتاج وذلك في إطار اتفاق (أوبك+). وبدا تأثير ذلك بوضوح في معدل نمو الاقتصاد العراقي الذي تراجع إلى 8.9 في المئة العام الماضي مع توقعات بانكماشه إلى 3.8 في المئة هذا العام.
و يؤثر المزيد من الخفض في انتاج النفط من قبل “أوبك+” سلباً على إيرادات العراق المالية ويهدد بتفاقم عجز الموازنة ومزيد من التراجع في قيمة الدينار أمام الدولار.
و يحدثنا عن هذا الامر الخبير الاقتصادي صفوان قصي (للاستماع اضغط هنا)
ضغوط على حكومة السوداني
و يبدو واضحاً أن حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لا تتعرض لضغوط مالية وبحسب بل وسياسية أيضاً، فبعض الكتل السياسية تمارس ضغطاً غير مباشر على الحكومة، تارة باستخدام ملف النفط وأخرى باستخدام الملف الأمني للحصول على مكاسب سياسية أو بتأثير من دول إقليمية قد ترى في تقارب حكومة السوداني مع دول الخليج تهديداً لمصالحها.
كما تحاول تلك الكتل عن طريق بعض النواب تقويض الاتفاق بين حكومتي بغداد وأربيل الخاص بتصدير نفط الإقليم، من خلال فرض أعضاء في اللجنة المالية في البرلمان العراقي تعديلات تلزم إقليم كردستان تسليم ما لا يقل عن 500 ألف برميل يومياً لوزارة النفط من دون أن يكون له الحق في تصديرها، إذ يتم ذلك عبر شركة “سومو” أو تستخدم تلك الكميات محلياً.
يلزم الإقليم تسليم الإيرادات النفطية إلى وزارة المالية الاتحادية قبل تسلم حصته من الموازنة، إضافة إلى منع إقليم كردستان من استخدام حقول كركوك ونينوى النفطية، الأمر الذي لاقى اعتراضاً كبيراً من أربيل وعطل إقرار الموازنة الاتحادية للعراق.
عن هذا يحدثنا استاذ العلوم السياسية الدكتور اياد العنبر (للاستماع اضغط هنا)
نفط الإقليم ضرورة ملحة لاقتصاد العراق
و في الوقت الذي يتم التركيز فيه على زيادة الإنتاج النفطي من جنوب البلاد يتم التغاضي عن توقف تصدير النفط من كردستان ما يهدد القدرة الإنتاجية لحقول الإقليم. لذلك يجب الاستمرار في عمل الآبار وضمان عدم التراجع في كفاءتها، كون ذلك يتسبب في مزيد من الخسائر المالية الناجمة عن إعادة تأهيلها وتحسين قدراتها الإنتاجية.
ويسهم استئناف الصادرات النفطية من إقليم كردستان في تحسين البنية التحتية ورفع مستوى صادرات الإقليم النفطية لتصل إلى مليون برميل يومياً في عام 2026، مما يعني أن صادرات العراق من النفط قد تصل إلى سبعة ملايين برميل يومياً في غضون ثلاثة أعوام إذا تم الاستثمار في كل من حقول كردستان وجنوب العراق على حد سواء.
و من الضرورة بمكان إبعاد الملفات السياسية عن الاقتصاد مع وجوب تنويع مصادر الدخل، الأمر الذي يتطلب استقراراً سياسياً وعملاً حقيقياً لتنشيط الاقتصاد وبنائه على أسس صحيحة تزيد من قدرة البلاد على استثمار ثرواتها بما يخدم المجتمع ويحقق التنمية المستدامة.
المصدراندبندنت عربية