تحديات الذكاء الاصطناعي في العراق و فرص تطبيقه
يفتقر العراق إلى نظام آمن و متطور لتبادل البيانات و إدارتها و حفظها. التقرير الصادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية بعنوان ” تحديات الذكاء الاصطناعي في العراق و فرص تطبيقه” أوضح أن ضعف التمويل الحكومي لتكنولوجيا المعلومات و عدم استخدام العراق للأدوات الرقمية يساهم في تسرب العديد من الكتب و المخاطبات الحكومية السرية إلى وسائل الإعلام و انكشاف معلومات قد تهدد في بعض الأحيان الأمن القومي للبلاد.
و قد أدى ذلك إلى تسريب بيانات لمواطنين و مؤسسات رسمية عراقية على تطبيق “التيلجرام” دون علمهم أو علم السلطات المختصة ما دعى الحكومة العراقية لحظر التطبيق لتعود لترفع الحظر بعد عدة أيام. و قد أثار هذا الأمر العديد من التساؤلات عن أمن المعلومات في العراق و ضمان سرية البيانات و حفظها.
و بحسب التقرير فإن ذلك يعمق من حلالات الفساد المالي و الإداري و يعرقل دخول العراق إلى عصر الذكاء الاصطناعي و الرقمنة ما يؤثر سلباً على القطاعات الخدمية و الانتاجية و يؤخر تحقيق التنمية المستدامة.
و رغم المبادرات التي أطلقها العراق فيما يتعلق بالتوظيف و تسجيل الشركات إلكترونياً بالإضافة لإطلاق البطاقة الوطنية الموحدة و العمل على أتمتة النظام الجمركي و المصرفي إلا أن ضعف المهارات الرقمية للموظفين الحكوميين و انعدام الثقة لدى العراقيين يعيق خطط تطبيق و تنفيذ آليات الذكاء الاصطناعي.
و بين التقرير أن العراق يفتقد لاستراتيجية وطنية و تشريعات قانونية تضمن تطبيق التقنيات الذكية و تنفيذها ، مشيراً إلى أن نجاح العراق في تحقيق ذلك يضيف إلى مجمل انتاجه المحلي نحو 13 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة القادمة ستساهم بكل تأكيد في تعزيز التنمية المستدامة و تخلق مزيداً من الفرص و الأسواق.
حلول ذكية لمشكلات مزمنة
و استعرض التقرير عدداً من المجالات التي يمكن للعراق أن يستخدم الذكاء الاصطناعي فيها لإيجاد الحلول و تحقيق نتائج مميزة. ففي مجال الطاقة يمكن للعراق زيادة انتاجه من النفط و ذلك من خلال تحليل البيانات الجيولوجية و رفع كفاءة الاستخراج و تقليل التكاليف.
كما يمكن استخدام أساليب الزراعة الذكية في إدارة المياه و رصد الآفات و تحليل الجينات الوراثية للنباتات لتحسين نوعيتها و زراعة المحاصيل التي تتحمل الظروف القاسية و لا تستوجب زراعتها كميات كبيرة من المياه ما يزيد من الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 20٪ .
كما يساهم الذكاء الاصطناعي في حل مشكلة الجفاف في العراق من خلال التحليل الدقيق لبيانات المناخ و توقع فترات الجفاف لاتخاذ التدابير اللازمة كتخزين المياه و تحديد مستوياتها.
و يعاني العراق من ارتفاع كبير في درجات الحرارة الأمر الذي اعتبر تحذيراً لكل دول العالم من بداية عصر الغليان ، لذا فاسخدام الذكاء الاصطناعي في تخطيط المدن الذكية يساهم إلى حد بعيد في تخفيف درجات الحرارة المرتفعة حيث يمكن تصميم المدن لتحسين تدفق الهواء وتوجيه الظلال و تصميم المساحات الخضراء. كما يمكن تطوير نظم تبريد ذكية تستخدم تحليلات البيانات لضبط درجات الحرارة في المباني والمنشآت العامة بشكل أكثر كفاءة.
و يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في حل أزمة الكهرباء في العراق من خلال تحسين إدارة وتشغيل شبكات الكهرباء وزيادة الكفاءة في إنتاجها وتوزيعها بما يتراوح بين 10-30%.
و في مجال الصناعات التحويلية فإن استخدام التكنولوجيا المتقدمة ، يزيد من إنتاج المصانع بنسبة تصل إلى 15٪ و ذلك من خلال القيمة المضافة للمنتجات المحلية و خفض الاعتماد على الواردات.
و في حال استخدام العراق لتقنيات التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي في مجالي السياحة والثقافة فإن ذلك من شأنه أن يسهل وصول الزوار إلى المواقع السياحية من خلال الواقع الافتراضي ما يزيد من إيرادات السياحة بنسبة تصل إلى 25٪.
و لتحسين التعليم والبحث العلمي فإن استخدام التكنولوجيا المتطورة يسهم في تخريج كوادر مؤهلة يكون لها دور فاعل في تطوير الاقتصاد المعرفي و الابتكار و خلق منتجات و خدمات و أسواق جديدة ما يحقق نمواً مستداماً وتنويعاً في الاقتصاد العراقي على المدى البعيد.
أما في مجال الرعاية الصحية فإن استخدام التقنيات الذكية يوفر قدرة أفضل و أكبر على تحليلات البيانات لتشخيص الأمراض بصورة أكفأ وتوجيه العلاجات الأمثل، بالإضافة إلى تحسين إدارة المستشفيات وتحسين تجربة المرضى ما يوفر على الدولة العراقية فاتورة باهظة من الأدوية المستوردة و يوفر على العراقيين الكلفة المرتفعة للعلاج في الخارج.
تجارب ناجحة
و تحدث التقرير عن تجارب ناجحة في استخدام الذكاء الاصطناعي في العراق لتسريع الاكتشافات التاريخية و ترجمة نصوص الألواح الطينية المكتوبة باللغة المسمارية حيث يتم رقمنة هذه الألواح في محاولة لحفظ بيانتها و فك رموزها في وقت أقل و بدقة اكبر ما سيكشف عن أسرار مهمة للحضارات في العراق و يزيد من قدرة البلاد على الجذب السياحي.
و تعتبر التكلفة العالية لحلول الذكاء الاصطناعي أحد العوائق التي قد تؤخر استخدام العراق لها ، إلا أن ذلك لا يمنع من توفير البيئة المناسبة لذلك.
و يتوقع التقرير أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي في العراق إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار خلال السنوات الثلاث القادمة خاصة مع وجود تجارب ناجحة في هذا المجال.
فقد أعلن عن افتتاح قريب لمركزين للذكاء اصطناعي في إقليم كردستان بالتعاون مع عدد من شركات الاستثمار الأمريكية حيث يشهد الإقليم نموًا ملحوظاً في قطاع التكنولوجيا والابتكار، بالإضافة إلى التوجه الحكومي للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تنويع الاقتصاد.
و في حال توفير التمويل الكافي و تطوير البنى التحتية التقنية فإن الذكاء الاصطناعي سيساهم بزيادة مجمل الناتج المحلي لإقليم كردستان بقرابة 1.5 مليار دولار خلال العام القادم.
و شدد التقرير على ضرورة عقد العراق شراكات دولية لتبادل الخبرات و المعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي لأهمية هذا الأمر في تأسيس مجتمع متطور و قادر على التعامل مع المتغيرات الدولية و التطور السريع في التكنولوجيا التي أصبحت سوقاً واسعة تستثمر فيها الدول لتحسين اقتصاداتها و تطوير مجتمعاتها.
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بنا
مرتبط
مواضيع مرتبطة