هل ينهار اتفاق أوبك+ بتحديد سقف لسعر النفط الروسي؟
بعد أن قررت مجموعة الدول السبع أن تحدد سقفاً سعرياً على مبيعات النفط الروسية فقد يؤدي هذا الأمر إلى زيادة المخاوف من انقطاع إمدادات الطاقة و مزيد من الارتفاع في الأسعار رغم ضعف النمو و النشاط الاقتصادي العالمي. فقد هددت روسيا بالتوقف عن بيع نفطها وفق هذه المحددات ما يعني أن جزءاً كبيراً من النفط الروسي لن يجد طريقه إلى الأسواق.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يستغل هذا الأمر و يستخدمه كسلاح للضغط خاصة و أنه يعلم مدى تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على الاقتصاد الأمريكي، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة شهر نوفمبر القادم .
و لذلك فقد يستبق بوتين تطبيق هذا القرار و يقوم بحظر بيع النفط الروسي لمن يشتريه وفق السقف السعري المفروض قبل الخامس من شهر ديسمبر المقبل. و في حال تم ذلك فإن سيكون هناك نقص كبير في المعروض يستوجب تعويضه من دول أوبك.
و قد يجدد الرئيس الأمريكي جو بادين طلبه من أوبك + بزيادة الانتاج تجنباً لارتفاع محتمل في أسعار الطاقة يزيد من ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة و العالم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هوعن قدرة أوبك+ على تعويض كميات النفط الروسية في ظل محدودية قدراتها الانتاجية و بعض الاضطرابات الأمنية في مناطق مختلفة من ليبيا و نيجيريا.
أما بالنسبة للجانب الروسي فخياراته تبقى محدودة أيضاً: فقد تعارض موسكو زيادة انتاج أوبك+ خشية خسارتها لجزء من حصتها في سوق النفط العالمية و بالتالي فإن ذلك سيتعارض مع توجهات المجموعة في تلبية الطلب و يؤدي لخروج موسكو من الاتفاق. أما الخيار الآخر فيستوجب قبول روسيا بيع نفطها وفق االسقف لسعري المحدد لها ، متحملة بذلك خسارة مادية قد تتجاوز 30% من مبيعاتها النفطية على المدى القصير . و لكن موسكو بهذا الخيار تستمر في تمويل انفاقها العسكري الذي تحتاجه لكن بنسبة أقل بكثير مما كانت عليه بالإضافة إلى تجنبها الكلفة العالية لإعادة تشغيل الحقول النفطية مستقبلاً و التي ستضطر لإيقافها بسبب امتناعها عن البيع وفق السقف السعري الجديد.
أما الخيار الثالث فيكمن في لجوء روسيا إلى كسر الإجراءات المتخذة ضد بيعها للنفط وفق سعر السوق و ذلك من خلال زيادة نسب الحسومات الممنوحة لمشتري نفطها و خاصة في آسيا أو أن تعمل على إيجاد عملاء جدد في الدول الأفريقية ما يعني تحدياً جديداً لواشنطن و حلفائها و ينذر باتساع وتيرة الصراع الغير مباشر في مناطق عدة من العالم.
و تواجه موسكو مشكلات لوجستية تتمثل بإيجاد ناقلات كبيرة تستوعب الكميات التي ترغب في تصديرها دون الالتزام بسقف الأسعار الذي حدد لنفطها ، خاصة و أن 95% من ناقلات النفط العملاقة تخضع لضمانات المجموعة الدولية لنوادي الحماية و التعويض في لندن. فالناقلات التي ستسخدمها موسكو لن تكون قادرة على نقل ذات الكميات الكبيرة من النفط و قد تتعرض للملاحقة و المساءلة القانونية حال مخالفتها للسقف السعري المحدد. أي أن روسيا لن تكون قادرة على منافسة المنتجين الآخرين و لا الوصول بسهولة إلى الوجهات التي تشتري نفطها.
و رغم تحذيرات وزارة الخزانة الامريكية من شراء النفط الروسي خارج السقف السعري المحدد إلا أن أن روسيا قد تجد طرقاً ما للتهرب من الرقابة الدولية في حين قد ترغب كل من الصين و الهند في الاستفادة من الخصومات الكبيرة التي ستمنحها روسيا لهم.
و لا يمكن التكهن بطبيعة الرد الأمريكي على ذلك إلا أنه و بكل تأكيد سيعود بنتائج سلبية على علاقات واشنطن مع دلهي و يزيد من حدة التوتر و الخلاف مع بكين.
أما الدول التي تستورد النفط الروسي و تحديداً الاتحاد الأوروبي فعليه التحرك بسرعة لإيجاد بدائل عن النفط و الغاز الروسيين و بأسرع وقت ممكن خاصة بعد التحذيرات التي أطلقها الجانب الروسي من قطع كل موارد الطاقة و مشتقاتها عن أوروبا ما يعني مزيداً من الارتفاع في أسعار الطاقة و مزيداً من التراجع في معدلات النمو.
مرتبط
مواضيع مرتبطة