السرعة في اختيار خلف لجونسون أمر ضروري لاقتصاد بريطانيا
أثارت استقالة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الحديث عن اثر ذلك على اقتصاد البلاد الذي يعتبر الخامس عالمياً.
فقد مر هذا الاقتصاد بعدة ازمات متعاقبة من الخروج من الاتحاد الاوروبي (بريكست) و ما تسب فيه من نقص في العمالة و ارتفاع في تكاليف التشغيل للشركات إلى جائحة كورونا و اخيراً غلاء المعيشة الناجم عن ارتفاع اسعار الطاقة و الغذاء عالمياً و عرقلة سلاسل الإمداد الناجمة عن ازمة اوكرانيا.
و قد وصل التضخم الى اعلى مستوياته منذ اربعين عاماً حيث بلغ 9.1% و يتوقع ان يستمر في الارتفاع الى ان يصل الى مستوى 11% نهاية هذا العام.
و قد ساهمت جائحة كورونا في تعميق جراح الاقتصاد البريطاني حيث تم تخصيص 400 مليار جنيه استرليني لدعم الاقتصاد و هذا ادى الى ارتفاع الدين العام لأكثر من 2 ترليون جنيه استرليني الامر الذي عقد المشهد بالنسبة لبنك انجلترا. فعلى الرغم من رفع اسعار الفائدة مؤخراً لمستوى وصل الى 1.25% ما يزال الاقتصاد البريطاني يعاني من تراجع زخم النمو. فقد انكمش الاقتصاد البريطاني في آذار مارس بـ0.1% ثم عاد و انكمش في نيسان أبريل بـ 0.3% و لم يكن قد حقق نمواً في شباط فبراير.
لذلك فإن اية محاولة جديدة لرفع اسعار الفائدة يجب ان تكون مدروسة و بعناية حتى لا تتسبب بتراجع النشاط الاقتصادي. اي ان التشدد في استخدام الادوات النقدية التقليدية قد يكون أمراً غير فعال لعلاج ازمات قد تكون خارج ارادة بنك انجلترا نفسه. لذلك يحتاج الامر الى ارادة سياسية و رؤية اقتصادية جديدة تعيد الثقة للمستثمرين ليساهموا بمزيد من الاستثمارات في البنى التحتية للاقتصاد البريطاني او يساهموا في هيكلة قطاع الطاقة و تنويعه.
بمعنى اخر، فالامر يحتاج الى ازالة حالة عدم اليقين حول مستقبل القيادة في بريطانيا و قدرتها على معالجة الازمات المتعددة و المتسارعة بحكمة و بشكل يحقق للمملكة الاستقرار السياسي و الاقتصادي معاً.
و قد انعكست أستقالة السيد جونسون إيجابياً على قيمة الجنيه الاسترليني التي كانت قد تراجعت لأقل من 1.19 دولار ثم ما لبثت أن عادت لترتفع إلى أكثر من 1.20 دولار فور إعلان جونسون نيته في الاستقالة من زعامة حزب المحافظين. و هذا يفسر أهمية أن يتم الإسراع في تحديد شخص رئيس الوزراء القادم للحيلولة دون تفاقم حالة اللايقين الموجودة في الاقتصاد البريطاني و لحساسية المرحلة الراهنة التي تمر بها بريطانيا و اوروبا و العالم في ظل التحديات الراهنة.
ان توضيح السياسة الاقتصادية للحكومة البريطانية المقبلة امر اساسي لجذب المستثمرين و تطوير و تنمية علاقات بريطانيا مع دول العالم لا سيما في ظل الحرب في اوكرانيا و ارتفاع اسعار الطاقة و التحذيرات من الخطر الصيني على الاقتصاد و الامن القومي البريطاني
كما أن سياسة الحكومة البريطانية القادمة ستكون مهمة لصانعي السياسة المالية و النقدية و الذين ينتظران توجه الحكومة في الخفض الضريبي أو زيادة الإنفاق مع معالجة التضخم الكبير. و هو أمر مهم أن يتم قبل حلول شهر تشرين الأول أكتوبر 2022 ليتمكن بنك أنجلترا من تحديد حجم الرفع في أسعار الفائدة. هل سيقوم برفعها 0.25% أو 0.50% و هو ما سيحدد مسار الاقتصاد البريطاني للعام القادم. و من المهم جداً تدارك الأمر قبيل فصل الشتاء مع زيادة استهلاك الغاز و النفط و احتمال نقص محتمل في الإمدادات بسبب الحرب في أوكرانيا. أيضاً يجب حسم ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي و تجنب المزيد من التصعيد لما يولده ذلك من ضغوط اقتصادية على الشركات و المستهلكين البريطانيين على حد سواء.
مرتبط
مواضيع مرتبطة